فإن قام دليل قطعي على حجيته اخذ به، واما اذا لم يكن قطعيا وشك في جعل
الحجية له شرعا مع عدم قيام الدليل على ذلك، فالاصل فيه عدم الحجية. ونعني
بهذا الاصل ان احتمال الحجية ليس له أثر عملي وان كل ما كان مرجعا لتحديد
الموقف بقطع النظر عن هذا الاحتمال يظل هو المرجع معه ايضا، ولتوضيح ذلك
نطبق هذه الفكرة على خبر محتمل الحجية يدل على وجوب الدعاء عند رؤية
الهلال مثلا، وفي مقابلة البراءة العقلية - قاعدة قبح العقاب بلا بيان -
عند من يقول بها والبراءة الشرعية والاستصحاب واطلاق دليل اجتهادي تفرض
دلالته على عدم وجوب الدعاء.
اما البراءة العقلية فلو قيل بها كانت مرجعا مع احتمال حجية الخبر ايضا،
لان احتمال الحجية لا يكمل البيان والا لتم باحتمال الحكم الواقعي. ولو
أنكرناها وقلنا إن كل حكم يتنجز بالاحتمال ما لم يقطع بالترخيص الظاهري في
مخالفته، فالواقع منجز باحتماله من دون أثر لاحتمال الحجية.
واما البراءة الشرعية فاطلاق دليلها شامل لموارد احتمال الحجية ايضا، لان
موضوعها عدم العلم بالتكليف الواقعي وهو ثابت مع احتمال الحجية ايضا، بل
حتى مع قيام الدليل على الحجية.
[46]
غير انه في هذه الحالة يقدم دليل حجية الخبر على دليل البراءة لانه
أقوى منه وحاكم عليه مثلا، واما مع عدم ثبوت الدليل الاقوى فيؤخذ بدليل
البراءة، وكذلك الكلام في الاستصحاب، واما الدليل الاجتهادي المفترض
دلالته بالاطلاق على عدم الوجوب فهو حجة مع احتمال حجية الخبر المخصص
ايضا، لان مجرد احتمال التخصيص لا يكفي لرفع اليد عن الاطلاق.
ونستخلص من ذلك ان الموقف العملي لا يتغير باحتمال الحجية، وهذا يعني ان
احتمالها يساوي عمليا القطع بعدمها. ونضيف إلى ذلك ان بالامكان اقامة
الدليل على عدم حجية ما يشك في حجيته بناء على تصورنا المتقدم للاحكام
الظاهرية حيث مر بنا انه يقتضى التنافي بينها بوجوداتها الواقعية، وهذا
يعني ان البراءة عن التكليف المشكوك وحجية الخبر الدال على ثبوته، حكمان
ظاهريان متنافيان، فالدليل الدال على البراءة دال بالدلالة الالتزامية
على نفي الحجية المذكورة فيؤخذ بذلك ما لم يقم دليل اقوى على الحجية. وقد
يقام الدليل على عدم حجية ما يشك في حجيته من الامارات بما اشتمل من
الكتاب الكريم على النهي عن العمل بالظن وغير العلم، فان كل ظن يشك في
حجيته يشمله اطلاق هذا النهي.
وقد اعترض المحقق النائيني قدس الله روحه على ذلك، بان حجية الامارة
معناها جعلها علما، لانه بني على مسلك جعل الطريقية، فمع الشك في الحجية
يشك في كونها علما فلا يمكن التمسك بدليل النهي عن العمل بغير العلم
حينئذ، لان موضوعه غير محرز. وجواب هذا الاعتراض ان النهي عن العمل بالظن
ليس نهيا تحريميا، وانما هو ارشاد إلى عدم حجيته، إذ من الواضح ان العمل
بالظن ليس من المحرمات النفسية، وانما محذوره احتمال التورط في مخالفة
الواقع فيكون مفاده عدم الحجية، فاذا كانت الحجية بمعني اعتبار الامارة
علما، فهذا يعني ان مطلقات النهى تدل على نفي اعتبارها علما، فيكون مفادها
في رتبة مفاد حجية الامارة، وبهذا تصلح لنفي الحجية المشكوكة.
[47]
<h2>مقدار ما يثبت بدليل الحجية:
</h2><h4>وكلما كان الطريق حجة ثبت به مدلوله المطابقي، واما
المدلول الالتزامي فيثبت في حالتين بدون شك وهما: أولا: فيما اذا كان
الدليل قطعيا. وثانيا: فيما إذا كان الدليل على الحجية يرتب الحجية على
عنوان ينطبق على الدلالة المطابقية والدلالة الالتزامية على السواء، كما
اذا قام الدليل على حجية عنوان الخبر وقلنا: إن كلا من الدلالة المطابقية
والدلالة الالتزامية مصداق لهذا العنوان. واما في غير هاتين الحالتين فقد
يقع الاشكال، وكما في الظهور العرفي الذي قام الدليل على حجيته، فانه ليس
قطعيا، كما ان دلالته الالتزامية ليست ظهورا عرفيا. فقد يقال: إن امثال
دليل حجية الظهور لا تقتضي بنفسها الا اثبات المدلول المطابقي ما لم تقم
قرينة خاصة على اسراء الحجية إلى الدلالات الالتزامية ايضا.
ولكن المعروف بين العلماء التفصيل بين الامارات والاصول، فكل ما قام دليل
على حجيته من باب الامارية ثبتت به مدلولاته الالتزامية ايضا، ويقال
حينئذ: إن مثبتاته حجة، وكل ما قام دليل على حجيته بوصفه اصلا عمليا فلا
يكون مثبتاته حجة، بل لا يتعدى فيه من اثبات المدلول المطابقي الا إذا
قامت قرينة خاصة في دليل الحجية على ذلك.
وقد فسر المحقق النائيني ذلك - على ما تبناه من مسلك جعل الطريقية في
الامارات - بان دليل الحجية يجعل الامارة علما فيترتب على ذلك كل آثار
العلم، ومن الواضح ان من شؤون العلم بشئ العلم بلوازمه، ولكن ادلة الحجية
في باب الاصول ليس مفادها إلا التعبد بالجري العملي على وفق الاصل، فيتحدد
الجري بمقدار مؤدي الاصل، ولا يشمل الجري العملي على طبق اللوازم الا مع
قيام قرينة.
</h4>[48]
واعترض السيد الاستاذ على ذلك بان دليل الاحجية في باب الامارات، وان
كان يجعل الامارة علما، ولكنه علم تعبدي جعلي، والعلم الجعلي يتقدر بمقدار
الجعل، فدعوى ان العلم بالمؤدى يستدعي العلم بلوازمه، انما تصدق على العلم
الوجداني لا العلم الجعلي، ومن هنا ذهب إلى ان الاصل في الامارات ايضا عدم
حجية مثبتاتها ومدلولاتها الالتزامية، وان مجرد جعل شئ حجة من باب
الامارية لا يكفي لاثبات حجيته في المدلول الالتزامي.
والصحيح ما عليه المشهور من ان دليل الحجية في باب الامارات يقتضي حجية
الامارة في مدلولاتها الالتزامية ايضا، ولكن ليس ذلك على اساس ما ذكره
المحقق النائيني من تفسير، فانه فسر ذلك بنحو يتناسب مع مبناه في التمييز
بين الامارات والاصول، وقد مر بنا سابقا انه قدس الله روحه يميز بين
الامارات والاصول بنوع المجعول والمنشأ في أدلة حجيتها، فضابط الامارة
عنده كون مفاد دليل حجيتها جعل الطريقية والعلمية، وضابط الاصل كون دليله
خاليا من هذا المفاد، وعلى هذا الاساس أراد أن يفسر حجية مثبتات الامارات
بنفس النكتة التي تميزها عنده عن الاصول، اي نكتة جعل الطريقية، مع اننا
عرفنا سابقا ان هذا ليس هو جوهر الفرق بين الامارات والاصول، وانما هو فرق
في مقام الصياغة والانشاء، ويكون تعبيرا عن فرق جوهري أعمق، وهو ان جعل
الحكم الظاهري على طبق الامارة بملاك الاهمية الناشئة من قوة الاحتمال،
وجعل الحكم الظاهري على طبق الاصل بملاك الاهمية الناشئة من قوة المحتمل،
فكلما جعل الشارع شيئا حجة بملاك الاهمية الناشئة من قوة الاحتمال كان
امارة. سواء كان جعله حجة بلسان انه علم او بلسان الامر بالجري على وفقه،
وإذا اتضحت النكتة الحقيقية التي تميز الامارة، امكننا ان نستنتج ان
مثبتاتها ومدلولاتها الالتزامية حجة على القاعدة، لان ملاك الحجية فيها
حيثية الكشف التكويني في الامارة الموجبة لتعيين الاهمية وفقا لها، وهذه
الحيثية نسبتها إلى المدلول المطابقي، والمداليل الالتزامية نسبة واحدة،
فلا
[49]
يمكن التفكيك بين المداليل في الحجية ما دامت الحيثية المذكورة هي تمام
الملاك في جعل الحجية كما هو معنى الامارية، وهذا يعني انا كلما استظهرنا
الامارية من دليل الحجية كما هو معنى الامارية، وهذا يعني انا كلما
استظهرنا الامارية من دليل الحجية، كفى ذلك في البناء على حجية مثبتاتها
بلا حاجة إلى قرينة خاصة.
<h2>تبعية الدلالة الالتزامية للدلالة المطابقية:
</h2><h4>اذا كان اللازم المدلول عليه من قبل الامارة
بالدلالة الالتزامية من قبيل اللازم الاعم، فهو محتمل الثبوت حتى مع عدم
ثبوت المدلول المطابقي، وحينئذ اذا سقطت الامارة عن الحجية في المدلول
المطابقي لوجود معارض او للعلم بخطئها فيه، فهل تسقط حجيتها في المدلول
الالتزامي ايضا أو لا؟ قد يقال: إن مجرد تفرع الدلالة الالتزامية على
الدلالة المطابقية وجودا، لا يبرر تفرعها عليها في الحجية ايضا، وقد يقرب
التفرع في الحجية بأحد الوجهين التاليين: الاول: ما ذكره السيد الاستاذ من
ان المدلول الالتزامي مساو دائما للمدلول المطابقي، وليس أعم منه. فكل ما
يوجب ابطال المدلول المطابقي او المعارضة معه يوجب ذلك بشأن المدلول
الالتزامي ايضا، والوجه في المساواة، مع ان ذات اللازم قد يكون أعم من
ملزومه، ان اللازم الاعم له حصتان: إحداهما: مقارنة مع الملزوم الاخص.
والاخرى غير مقارنة، والامارة الدالة مطابقة على ذلك الملزوم، انما تدل
بالالتزام على الحصة الاولى من اللازم وهي مساوية دائما.
ونلاحظ على هذا الوجه ان المدلول الالتزامي هو طرف الملازمة، فإن كان طرف
الملازمة هو الحصة، كانت هي المدلول الالتزامي، وان كان طرفها الطبيعي
وكانت مقارنته للملزوم المحصصة له من شؤون الملازمة وتفرعاتها، كان
المدلول الالتزامي ذات الطبيعي.
</h4>[50]
ومثال الاول اللازم الاعم المعلول بالنسبة إلى احدى علله، كالموت
بالاحتراق بالنسبة إلى دخول زيد في النار، فإذا اخبر مخبر بدخول زيد في
النار، فالمدلول الالتزامي له حصة خاصة من الموت، وهي الموت بالاحتراق،
لان هذا هو طرف الملازمة للدخول في النار.
ومثال الثاني الملازم الاعم بالنسبة إلى ملازمه كعدم احد الاضداد بالنسبة
إلى وجود ضد معين من اضداده، فاذا اخبر مخبر بصفرة ورقة، فالمدلول
الالتزامي له عدم سوادها لا حصة خاصة من عدم السواد وهي العدم المقارن
للصفرة، لان طرف الملازمة لوجود احد الاضداد ذات عدم ضده لا العدم المقيد
بوجود ذاك، وانما هذا التقيد يحصل بحكم الملازمة نفسها ومن تبعاتها، لا
انه مأخوذ في طرف الملازمة وتطرأ الملازمة عليه.
الثاني: ان الكشفين في الدلالتين قائمان دائما على اساس نكتة واحدة من
قبيل نكتة استبعاد خطأ الثقة في ادراكه الحسي للواقعة، فإذا أخبر الثقة عن
دخول شخص للنار ثبت دخوله واحتراقه وموته بذلك بنكتة استبعاد اشتباهه في
رؤية دخول الشخص إلى النار، فاذا علم بعدم دخوله وان المخبر اشتبه في ذلك،
فلا يكون افتراض ان الشخص لم يمت اصلا متضمنا لاشتباه ازيد مما ثبت، وبذلك
يختلف المقام عن خبرين عرضيين عن الحريق من شخصين اذا علم باشتباه احدهما
في رؤية الحريق فان ذلك لا يبرر سقوط الخبر الآخر عن الحجية، لان افتراض
عدم صحة الخبر يتضمن اشتباها وراء الاشتباه الذي علم.
فالصحيح ان الدلالة الالتزامية مرتبطة بالدلالة المطابقية في الحجية، واما
الدلالة التضمنية فالمعروف بينهم انها غير تابعة للدلالة المطابقية في
الحجية.
[51]
<h2>وفاء الدليل بدور القطع الطريقي والموضوعي:
</h2><h4>اذا كان الدليل قطعيا فلا شك في وفائه بدور القطع
الطريقي والموضوعي معا، لانه يحقق القطع حقيقة. واما إذا لم يكن الدليل
قطعيا، وكان حجة بحكم الشارع، فهناك بحثان: الاول: بحث نظري في تصوير
قيامه مقام القطع الطريقي مع الاتفاق عمليا على قيامه مقامه في المنجزية
والمعذرية. والثاني: بحث واقعي في ان دليل حجية الامارة هل يستفاد منه
قيامها مقام القطع الموضوعي او لا؟ اما البحث الاول فقد يستشكل تارة في
امكان قيام غير القطع مقام القطع في المنجزئة والمعذرية بدعوى انه على
خلاف قاعدة قبح العقاب بلا بيان. ويستشكل اخرى في كيفية صياغة ذلك تشريعا،
وما هو الحكم الذي يحقق ذلك.
اما الاستشكال الاول فجوابه: اولا: اننا ننكر قاعدة قبح العقاب بلا بيان
راسا. وثانيا: انه لو سلمنا بالقاعدة فهي مختصة بالاحكام المشكوكة التي لا
يعلم بأهميتها على تقدير ثبوتها، واما المشكوك الذي يعلم بانه على تقدير
ثبوته مما يهتم المولى بحفظه ولا يرضى بتضييعه فليس مشمولا للقاعدة من أول
الامر، والخطاب الظاهري - أي خطاب ظاهري - يبرز اهتمام المولى بالتكاليف
الواقعية في مورده على تقدير ثبوتها وبذلك يخرجها عن دائرة قاعدة قبح
العقاب بلا بيان.
</h4>[52]
واما الاستشكال الثاني، فينشأ من ان الذي ينساق اليه النظر ابتداء ان
اقامة الامارة مقام القطع الطريقي في المنجزية والمعذرية تحصل بعملية
تنزيل لها منزلته من قبيل تنزيل الطواف منزلة الصلاة ومن هنا يعترض عليه
بان التنزيل من الشارع، انما يصح فيما اذا كان للمنزل عليه اثر شرعي، بيد
المولى توسيعه وجعله على المنزل كما في مثال الطواف والصلاة، وفي المقام
القطع الطريقي ليس له اثر شرعي بل عقلي، وهو حكم العقل بالمنجزية
والمعذرية فكيف يمكن التنزيل؟ وقد تخلص بعض المحققين عن الاعتراض برفض
فكرة التنزيل واستبدالها بفكرة جعل الحكم التكليفي على طبق المؤدي، فإذا
دل الخبر على وجوب السورة حكم الشارع بوجوبها ظاهرا، وبذلك يتنجز الوجوب،
وهذا هو الذي يطلق عليه مسلك جعل الحكم المماثل.
وتخلص المحقق النائيني بمسلك جعل الطريقية قائلا: إن اقامة الامارة مقام
القطع الطريقي لا تتمثل في عملية تنزيل لكي يرد الاعتراض السابق، بل في
اعتبار الظن علما، كما يعتبر الرجل الشجاع أسدا على طريقة المجاز العقلي،
والمنجزية والمعذرية ثابتتان عقلا للقطع الجامع بين الوجود الحقيقي
والاعتباري.
والصحيح ان قيام الامارة مقام القطع الطريقي في التنجيز واخراج مؤداها عن
قاعدة قبح العقاب بلا بيان - على تقدير القول بها - انما هو بابراز اهتمام
المولى بالتكليف المشكوك على نحو لا يرضى بتفويته على تقدير ثبوته كما
تقدم، وعليه فالمهم في جعل الخطاب الظاهري ان يكون مبرزا لهذا الاهتمام من
المولى، لان هذا هو جوهر المسألة، واما لسان هذا الابراز وصياغته وكون ذلك
بصيغة تنزيل الظن منزلة العلم او جعل الحكم المماثل للمؤدى او جعل
الطريقية فلا دخل لذلك في الملاك الحقيقي، وانما هو مسألة تعبير فحسب، وكل
التعبيرات صحيحة ما دامت وافية بابراز الاهتام المولوي المذكور، لان هذا
هو المنجز في الحقيقة.
[53]
واما البحث الثاني فان كان القطع مأخوذا موضوعا لحكم شرعي بوصفه منجزا
ومعذرا، فلا شك في قيام الامارة المعتبرة شرعا مقامه، لانها تكتسب من دليل
الحجية صفة المنجزية والمعذرية فتكون فردا من الموضوع، ويعتبر دليل الحجية
في هذه الحالة واردا على دليل ذلك الحكم الشرعي المرتب على القطع لانه
يحقق مصداقا حقيقيا لموضوعه. واما اذا كان القطع مأخوذا بما هو كاشف تام،
فلا يكفي مجرد اكتساب الامارة صفة المنجزية والمعذرية من دليل الحجية
لقيامها مقام القطع الموضوعي، فلا بد من عناية اضافية في دليل الحجية، وقد
التزم المحقق النائيني قدس سره بوجود هذه العناية بناء على ما تبناه من
مسلك جعل الطريقية فهو يقول: إن مفاد دليل الحجية جعل الامارة علما، وبهذا
يكون حاكما على دليل الحكم الشرعي المرتب على القطع لانه يوجد فردا جعليا
وتعبديا لموضوعه فيسري حكمه إليه.
غير انك عرفت في بحث التعارض من الحلقة السابقة ان الدليل الحاكم انما
يكون حاكما اذا كان ناظرا إلى الدليل المحكوم، ودليل الحجية لم يثبت كونه
ناظرا إلى احكام القطع الموضوعي، وانما المعلوم فيه نظره إلى تنجيز
الاحكام الواقعية المشكوكة خاصة اذا كان دليل الحجية للامارة هو السيرة
العقلائية، إذ لا انتشار للقطع الموضوعي في حياة العقلاء لكي تكون سيرتهم
على حجية الامارة ناظرة إلى القطع الموضوعي والطريقي معا.
<h2>اثبات الامارة لجواز الاسناد:
</h2><h4>يحرم اسناد ما لم يصدر من الشارع اليه لانه كذب
ويحرم ايضا اسناد ما لا يعلم صدوره منه اليه وان كان صادرا في الواقع،
وهذا يعني ان القطع بصدور الحكم من الشارع طريق لنفي موضوع الحرمة الاولى
فهو قطع طريقي وموضوع لنفي الحرمة الثانية، فهو من هذه الناحية قطع موضوعي
وعليه فإذا كان الدليل قطعيا انتفت كلتا الحرمتين لحصول
</h4>[54]
القطع، وهو طريق إلى احد النفيين وموضوع للآخر، واذا لم يكن الدليل
قطعيا بل امارة معتبرة شرعا فلا ريب في جواز اسناد نفس الحكم الظاهري إلى
الشارع لانه مقطوع به، واما اسناد المؤدى فالحرمة الاولى تنتفي بدليل حجية
الامارة لان القطع بالنسبة اليها طريقي ولا شك في قيام الامارة مقام القطع
الطريقي، غير ان انتفاء الحرمة الاولى كذلك مرتبط بحجية مثبتات الامارات،
لان موضوع هذه الحرمة عنوان الكذب وهو مخالفة الخبر للواقع، وانتفاء هذه
المخالفة مدلول التزامي للامارة الدالة على ثبوت الحكم، لان كل ما يدل على
شئ مطابقة، يدل التزاما على ان الاخبار عنه ليس كذبا.
واما الحرمة الثانية فموضوعها وهو عدم العلم ثابت وجدانا، فانتفاؤها يتوقف
إما على استفادة قيام الامارة مقام القطع الموضوعي من دليل حجيتها، او على
إثبات مخصص لما دل على عدم جواز الاسناد بلا علم - من اجماع او سيرة -
يخرج موارد قيام الحجة الشرعية.
<h2>ابطال طريقة الدليل:
</h2><h4>كل نوع من انواع الدليل حتى لو كان قطعيا يمكن
للشارع التدخل في ابطال حجيته، وذلك عن طريق تحويله من الطريقية إلى
الموضوعية بأن يأخذ عدم قيام الدليل الخاص على الجعل الشرعي في موضوع
الحكم المجعول في ذلك الجعل فيكون عدم قيام دليل خاص على الجعل الشرعي
قيدا في الحكم المجعول، فاذا قام هذا الدليل الخاص على الجعل الشرعي،
انتفى المجعول بانتفاء قيده، وما دام المجعول منتفيا فلا منجزية ولا
معذرية، وليس ذلك من سلب المنجزية عن القطع بالحكم الشرعي، بل من الحيلولة
دون وجود هذا القطع، لان القطع المنجز هو القطع بفعلية المجعول لا القطع
بمجرد الجعل، ولا قطع في المقام بالمجعول، وان كان القطع بالجعل ثابتا،
غير ان هذا القطع الخاص بالجعل بنفسه يكون
</h4>[55]
نافيا لفعلية المجعول نتيجة لتقيد المجعول بعدمه، وقد سبق في ابحاث
الدليل العقلي في الحلقة السابقة انه لا مانع من اخذ علم مخصوص بالجعل
شرطا في المجعول او أخذ عدمه قيدا في المجعول ولا يلزم من كل ذلك دور.
وقد ذهب جملة من العلماء إلى ان العلم المستند إلى الدليل العقلي فقط ليس
بحجة، وقيل في التعقيب على ذلك: إنه ان أريد بهذا تحويله من طريقي إلى
موضوعي الطريقة التي ذكرناها بان يكون عدم العلم العقلي بالجعل قد أخذ
قيدا في المجعول فهو ممكن ثبوتا، ولكنه لا دليل على هذا التقييد اثباتا.
وان أريد بهذا سلب الحجية عن العلم العقلي بدون التحويل المذكور فهو
مستحيل، لان القطع الطريقي لا يمكن تجريده عن المنجزية والمعذرية، وسيأتي
الكلام عن ذلك في مباحث الدليل العقلي ان شاء الله تعالى.
<h2>تقسيم البحث في الادلة المحرزة:
</h2><h4>وسنقسم البحث في الادلة المحرزة وفقا لما تقدم في الحلقة السابقة إلى قسمين: احدهما: في الدليل الشرعي.
والآخر: في الدليل العقلي. كما ان القسم الاول نوعان: احدهما: الدليل الشرعي اللفظي. والآخر: الدليل الشرعي غير اللفظي.
</h4>[56]
والبحث في الدليل الشرعي تارة في تحديد ضوابط عامة لدلالته وظهوره.
واخرى في ثبوت صغراه - اي في حيثية الصدور - وثالثة في حجية ظهوره. وعلى
هذا المنوال تجري البحوث في هذه الحلقة.
الإثنين سبتمبر 20, 2010 9:42 am من طرف Prince Iraq
» جمل رائعة باللغة الأنكليزية
الجمعة سبتمبر 10, 2010 1:17 pm من طرف بنت الاعظمية87
» قوانين منتدى اللغة الانكليزية English Forums Rules & Regulations -||-
الثلاثاء أغسطس 31, 2010 1:00 pm من طرف Prince Iraq
» بطاقات شكر باللغه الانجليزيه ,,,,,
الثلاثاء أغسطس 31, 2010 12:56 pm من طرف Prince Iraq
» موسوعه حروف الجر في اللغه الانكليزيه
الثلاثاء أغسطس 31, 2010 12:47 pm من طرف Prince Iraq
» اوصل للخمسة واهدي لاي عضو يعجبك خاتم الماس
الأربعاء أغسطس 18, 2010 11:43 am من طرف Prince Iraq
» من واحد الــى خمسة وكول لعضو واحشني موووت ..!!!
الأربعاء أغسطس 18, 2010 11:40 am من طرف Prince Iraq
» احسب لل5 واختار عضو وحطه بالغسالة
الأربعاء أغسطس 18, 2010 11:35 am من طرف Prince Iraq
» تعالو نحطم الرقم القياسي بكل المنتديات
الأربعاء أغسطس 18, 2010 11:34 am من طرف Prince Iraq